فصل: قال الثعلبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الثعلبي:

{وَلوطًا} فاذكر لوطًا {إذْ قَالَ لقَوْمه إنكمْ لَتَأْتونَ الفاحشة مَا سَبَقَكمْ بهَا منْ أَحَدٍ منَ العالمين أَئنكمْ لَتَأْتونَ الرجال وَتَقْطَعونَ السبيل وَتَأْتونَ في نَاديكم} مجلسكم {المنكر}.
حدثنا أبو العباس سهل بن محمد بن سعيد المروزي، قال: حدثنا جدي لأمي أبو الحسن المحمودي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: أن بشر بن معاذ العمقدي حدثهم قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن شنبه قال: حدثنا عمير بن مرداس الدونقي، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي، قال: حدثنا يحيى بن أبي الحجاج أبو أيوب البصري قال: حدثنا أبو يونس حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن أبي مولى أم هانيء، عن أم هانيء بنت أبي طالب قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله سبحانه: {وَتَأْتونَ في نَاديكم المنكر} قلت: ما المنكر الذي كانوا يأتون؟ قال: «كانوا يخذفون أهل الطرق ويسخرون بهم».
وأخبرني الحسين بن محمد بن الحسين، قال: حدثنا موسى بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن علوية، قال: حدثنا إسماعيل بن عيسى، قال: حدثنا المسيب، قال: سمعت زياد بن أبي زياد يحدث عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قوم لوط كانوا يجلسون في مجالسهم وعند كل رجل منهم قصعة فيها حصى، فإذا مر بهم عابر سبيل قذفوه، فأيهم أصابه كان أولى به» وذلك قول الله سبحانه: {وَتَأْتونَ في نَاديكم المنكر} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والخذف فإنه لا ينكأ العدو ولا يصيب الصيد، ولكن يفقأ العين ويكسر السن».
وأخبرنا الحسين قال: أخبرنا أبو علي بن حنيش المقري قال: حدثني أبو جعفر محمد بن جعفر المقري، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي، قال: حدثنا هارون بن حاتم، قال: أخبرنا أبو بكر بن أوس المدني، عن أبيه، عن يزيد بن بكر بن دأب، عن القاسم بن محمد {وَتَأْتونَ في نَاديكم المنكر} قال: الضراط، كانوا يتضارطون في مجالسهم، وقال مجاهد: كان يجامع بعضهم بعضًا في مجالسهم.
أخبرنا أبو جعفر الخلفاني قال: حدثنا أبو العباس التباني قال: حدثنا أبو لبيد السرخسي، قال: حدثنا الحسن بن عمر بن شفيق، قال: حدثنا سليمان بن ظريف عن مكحول، قال: عشرة في هذه الأمة من أخلاق قوم لوط: مضغ العلك، وتطويق الأصابع بالحناء، وحل الأزار، وتنقيص الأصابع والعمامة التي يلف بها على الرأس، والسلينية، ورمي الجلاهق، والصفير، والخذف، واللوطية.
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمه إلا أَن قَالوا ائتنا بعَذَاب الله إن كنتَ منَ الصادقين} إنه نازل بنا وذلك إنه أوعدهم العذاب، {قَالَ} لوط {رَب انصرني عَلَى القوم المفسدين وَلَما جَاءَتْ رسلنَآ إبْرَاهيمَ بالبشرى} من الله سبحانه إسحاق ويعقوب: {قالوا إنا مهلكوا أَهْل هذه القرية} يعني قوم لوط {إن أَهْلَهَا كَانوا ظَالمينَ قَالَ} إبراهيم للرسل: {إن فيهَا لوطًا قَالوا نَحْن أَعْلَم بمَن فيهَا لَننَجيَنه وَأَهْلَه إلا امرأته كَانَتْ منَ الغابرين وَلَمآ أَن جَاءَتْ رسلنَا لوطًا} وحسب إنهم من الإنس {سيءَ بهمْ وَضَاقَ بهمْ ذَرْعًا وَقَالوا لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إنا منَجوكَ وَأَهْلَكَ إلا امرأتك كَانَتْ منَ الغابرين إنا منزلونَ على أَهْل هذه القرية رجْزًا} عذابًا {منَ السماء بمَا كَانوا يَفْسقونَ وَلَقَد ترَكْنَا منْهَآ آيَةً بَينَةً} عبرة ظاهرة {لقَوْمٍ يَعْقلونَ} وهي الخبر عما صنع بهم، وقال ابن عباس: هي آثار منازلهم الخرباء.
أبو العالية وقتادة: هي الحجارة التي ألقاها الله. مجاهد: الماء الأسود على وجه الأرض.
{وإلى مَدْيَنَ أَخَاهمْ شعَيْبًا فَقَالَ ياقوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الأخر} وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثني ابن شنبه قال: حدثنا أبو حامد المستملي قال: حدثنا محمد بن حاتم الرمني قال: حدثنا محمد بن سلامة الجمحي قال: قال يوسف النحوي: {وارجوا اليوم الأخر} يعني اخشوا {وَلاَ تَعْثَوْا في الأرض مفْسدينَ فَكَذبوه فَأَخَذَتْهم الرجفة فَأَصْبَحوا في دَارهمْ جَاثمينَ وَعَادًا وَثَمودَا وَقَد تبَينَ لَكم من مسَاكنهمْ وَزَينَ لَهم الشيطان أَعْمَالَهمْ فَصَدهمْ عَن السبيل وَكَانوا مسْتَبْصرينَ} في الضلالة، قال مجاهد وقتادة: {مسْتَبْصرينَ} في ضلالهم معجبين بها. الفراء: عقلاء ذوي بصائر. ضحاك ومقاتل والكلبي: حسبوا إنهم على الهدى والحق وهم على الباطل.
{وَقَارونَ وَفرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهمْ موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وَمَا كَانوا سَابقينَ} فائتين من عذابنا {فَكلًا أَخَذْنَا} عاقبنا {بذَنبه فَمنْهم من أَرْسَلْنَا عَلَيْه حَاصبًا} ريحًا تأتي في الحصباء، وهي الحصى الصغار، وهم قوم لوط {وَمنْهمْ منْ أَخَذَتْه الصيحة} يعني ثمودًا. {وَمنْهمْ منْ خَسَفْنَا به الأرض} قارون وأصحابه {وَمنْهمْ منْ أَغْرَقْنَا} فرعون وقومه وقوم نوح.
{وَمَا كَانَ الله ليَظْلمَهمْ ولكن كانوا أَنفسَهمْ يَظْلمونَ}.
{مَثَل الذين اتخذوا من دون الله أَوْليَاءَ} يعني: الأصنام يرجون نصرها ونفعها عند حاجتهم إليها {كَمَثَل العنكبوت اتخذت بَيْتًا} لنفسها كيما يكنها فلم يغن عنها بناؤها شيئًا عند حاجتها إياه، فكما أن بيت العنكبوت لا يدفع عنها بردًا ولا حرًا كذلك هذه الأوثان لا تملك لعابديها نفعًا ولا ضرًا ولا خيرًا ولا شرًا.
{وَإن أَوْهَنَ} أضعف {البيوت لَبَيْت العنكبوت لَوْ كَانوا يَعْلَمونَ} قال النحاة: العنكبوت مؤنثة التاء التي فيها، وقد يذكرها بعض العرب، أنشد الفراء:
على هطالهم منهم بيوت ** كأن العنكبوت هو ابتناها

وزنته فعللون.
أخبرني ابن فنجويه، قال: حدثنا ابن شنبه، قال: حدثنا أبو حامد المستملي، قال: حدثنا محمد بن عمران الضبي، قال: حدثني محمد بن سليمان المكي، قال: حدثني عبد الله بن ميمون القداح، قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي يقول: قال علي بن أبي طالب: طهروا بيوتكم من نسيج العنكبوت، فإن تركه في البيوت يورث الفقر، قال: سمعت عليًا يقول: منع الخميرة يورث الفقر.
{إن الله يَعْلَم مَا يَدْعونَ} بالياء أهل البصرة واختاره أبو عبيد قال: لذكر الأمم قبلها. واختلف فيها عن عاصم، غيرهم بالتاء.
{من دونه من شَيْءٍ وَهوَ العزيز الحكيم وَتلْكَ الأمثال} الأشياء والأوصاف، والمثل: قول سائر يشبه حال الثاني بالأول {نَضْربهَا} يبينها {للناس وَمَا يَعْقلهَآ إلا العالمون}. أخبرني ابن فنجويه، قال: حدثنا ابن مندة قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا داود بن المخبر قال: حدثنا عباد بن كثير، عن أبي جريج، عن عطاء وأبي الزبير، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: {وَتلْكَ الأمثال نَضْربهَا للناس وَمَا يَعْقلهَآ إلا العالمون} فقال: «العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه».
{خَلَقَ الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآيَةً للْمؤْمنينَ اتل مَا أوْحيَ إلَيْكَ منَ الكتاب وَأَقم الصلاة إن الصلاة تنهى عَن الفحشاء والمنكر} قال ابن عمر: تغني. الفراء: أن تنهي عن الفحشاء والمنكر ودليل هذا التأويل قوله: {وَلاَ تَجْهَرْ بصَلاَتكَ} [الإسراء: 110] أي بقراءتك. وقال آخرون: هي الصلاة التي فيها الركوع والسجود.
قال ابن مسعود وابن عباس: يقول: في الصلاة: منتهى ومزدجر عن معاصي الله سبحانه وتعالى، فمن لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهاه عن المنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدًا. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، وإطاعة الصلاة أن تنهي عن الفحشاء والمنكر».
وروى أبو سفيان عن جابر قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فلانًا يصلي بالنهار ويسرق بالليل، فقال: «إن صلاته لتردعه».
وقال أنس بن مالك: كان فتى من الأنصار يصلي الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يدع شيئًا من الفواحش إلا ركبه، فوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاله، فقال: «إن صلاته تنهاه يومًا ما»، فلم يلبث أن تاب وحسن حاله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألم أقل لكم إن صلاته تنهاه يومًا ما».
وقال ابن عون: معناه أن الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ما دام فيها، وقال أهل المعاني: ينبغي أن تنهاه صلاته كقوله: {وَمَن دَخَلَه كَانَ آمنًا} [آل عمران: 97].
{وَلَذكْر الله أَكْبَر} اختلفوا في تأويله، فقال قوم: معناه {وَلَذكْر الله} إياكم أفضل من ذكركم إياه، وهو قول عبد الله وسلمان ومجاهد وعطية وعكرمة وسعيد بن جبير، ورواية عبد الله بن ربيعة عن ابن عباس، وقد روى ذلك مرفوعًا:
أخبرناه الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني، قال: حدثني أحمد بن علي بن الحسين، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي داود البزكي، قال: حدثنا الحسين اللهبني، قال: حدثنا صالح بن عبد الله بن أبي فروة، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قول الله سبحانه: {وَلَذكْر الله أَكْبَر} قال: «ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه».
قالت الحكماء: لأن ذكر الله سبحانه للعبد على حد الاستغناء، وذكر العبد إياه على حد الافتقار، ولأن ذكره دائم، وذكر العبد مؤقت، ولأن ذكر العبد بحد رفع أو دفع ضر، وذكر الله سبحانه إياه للفضل والكرم. وقال ذو النون: لأنك ذكرته بعد أن ذكرك، وقال ابن عطاء: لأن ذكره لك بلا علة، وذكرك مشوب بالعلل. أبو بكر الوراق: لأن ذكره تعالى للعبد أطلق لسانه بذكره له، ولأن ذكر العبد مخلوق وذكره غير مخلوق. وقال أبو الدرداء وابن زيد وقتادة: معناه ولذكر الله أكبر مما سواه وهو أفضل من كل شيء.
أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن محمد الثقفي الحافظ قال: حدثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن علي قال: حدثنا زكريا بن يحيى بن يعقوب المقدسي، قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن جويبر عن الضحاك، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَلَذكْر الله أَكْبَر} قال: «ذكر الله على كل حال أحسن وأفضل، والذكر أن نذكره عند ما حرم، فندع ما حرم ونذكره عند ما أحل فنأخذ ما أحل».
وأخبرني الحسين بن محمد قال: حدثنا ابن شنبه قال: حدثنا جعفر بن محمد الفرباني قال: حدثنا إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت موسى بن عبيدة الزيدي يحدث أبي عبد الله القراظ، عن معاذ بن جبل قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسير بالدف من حمدان إذ استنبه، فقال: «يا معاذ إن السابقين الذين يستهترون بذكر الله، من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله سبحانه».
قال إسحاق بن سليمان: سمعت حريز بن عثمان يحدث، عن أبي بحرية، عن معاذ بن جبل، قال: ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله سبحانه، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: لا ولو ضرب بسيفه، قال الله سبحانه: {وَلَذكْر الله أَكْبَر}. وأخبرني الحسين بن محمد، قال: حدثنا ابن شنبه، قال: حدثنا جعفر بن محمد الفرباني، قال: حدثنا يحيى بن عمار المصيصي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي غريب، عن كثير بن مرة الحضرمي، قال: سمعت أبا الدرداء يقول: ألا أخبركم بخير أعمالكم لكم وأحبها إلى مليككم وأتمها في درجاتكم، وخير من أن تغزوا عدوكم فتضرب رقابكم وتضربون رقابهم، وخير من إعطاء الدنانير والدراهم، قالوا: وما هو يا أبا الدرداء؟ قال: ذكر الله، قال الله سبحانه: {وَلَذكْر الله أَكْبَر}.
وقيل لسلمان: أي العمل أفضل؟ قال: أما تقرأ القرآن {وَلَذكْر الله أَكْبَر} لا شيء أفضل من ذكر الله سبحانه.
وأنبأني عبد الله بن حامد، قال: أخبرنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا حميد بن داود، قال: حدثني يزيد بن خالد قال: حدثنا عبد الرحمن بن ثابت، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير ابن هبير، عن مالك بن عامر، عن معاذ بن جبل قال: سألت رسول الله: أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله».
وأنبأني عبد الله بن حامد، قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا سلمة بن محمد ابن أحمد بن مجاشع الباهلي، قال: حدثنا خالد بن يزيد العمري، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن عطاء بن قرة، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله عز وجل وما والاه أو عالم أو متعلم».
قالت الحكماء: وإنما كان الذكر أفضل الأشياء لأن ثواب الذكر الذكر، قال الله تعالى: {فاذكروني أَذْكرْكمْ} ويؤيد هذا ما أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا مكي بن عبدان، قال: حدثنا عبد الله بن هشام، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن اقترب إلي شبرًا اقتربت إليه ذراعًا، وإن اقترب إلي ذراعًا اقتربت إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة».
وأخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا علي، قال: أخبرنا عبد الله بن هاشم، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأعز أبي مسلم، قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد إنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: «ما جلس قوم يذكرون الله سبحانه إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم فيمن عنده».
وأخبرني ابن فنجويه، قال: حدثنا ابن شيبة، قال: حدثنا الفرباني، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شنبه، قال: حدثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك {وَلَذكْر الله أَكْبَر} قال: ذكر الله العبد في الصلاة أكبر من الصلاة. ابن عون: معناه: الصلاة التي أنت فيها وذكرك الله فيها أكبر مما نهتك عنه الصلاة من الفحشاء والمنكر، وقال ابن عطاء: {وَلَذكْر الله أَكْبَر} من أن تبقى معه بالمعصية.
{والله يَعْلَم مَا تَصْنَعونَ}. اهـ.

.قال الزمخشري:

.[سورة العنكبوت: آية 28]:

{وَلوطًا إذْ قالَ لقَوْمه إنكمْ لَتَأْتونَ الْفاحشَةَ ما سَبَقَكمْ بها منْ أَحَدٍ منَ الْعالَمينَ (28)}.
{وَلوطًا} معطوف على إبراهيم، أو على ما عطف عليه. و{الْفاحشَةَ} الفعلة البالغة في القبح. و{ما سَبَقَكمْ بها منْ أَحَدٍ منَ الْعالَمينَ} جملة مستأنفة مقررة لفحاشة تلك الفعلة، كأن قائلا قال: لم كانت فاحشة؟ فقيل له: لأن أحدا قبلهم لم يقدم عليها اشمئزازا منها في طباعهم لإفراط قبحها، حتى أقدم عليها قوم لوط لخبث طينتهم وقذر طباعهم. قالوا لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط قط. وقرئ: إنكم، بغير استفهام في الأول دون الثاني: قال أبو عبيدة:
وجدته في الإمام بحرف واحد بغير ياء، ورأيت الثاني بحرفين الياء والنون وقطع السبيل: عمل قطاع الطريق، من قتل الأنفس وأخذ الأموال. وقيل: اعتراضهم السابلة بالفاحشة.
وعن الحسن: قطع النسل بإتيان ما ليس بحرث. {والْمنْكَرَ} عن ابن عباس رضي الله عنهما هو الخذف بالحصى، والرمي بالبنادق، والفرقعة، ومضغ العلك، والسواك بين الناس، وحل الأزرار، والسباب، والفحش في المزاح. وعن عائشة رضي الله عنها: كانوا يتحابقون.
وقيل السخرية بمن مر بهم. وقيل: المجاهرة في ناديهم بذلك العمل، وكل معصية فإظهارها أقبح من سترها، ولذلك جاء: من خرق جلباب الحياء فلا غيبة له. ولا يقال للمجلس: ناد، إلا ما دام فيه أهله، فإذا قاموا عنه لم يبق ناديا {إنْ كنْتَ منَ الصادقينَ} فيما تعدناه من نزول العذاب. كانوا يفسدون الناس بحملهم على ما كانوا عليه من المعاصي والفواحش طوعا وكرها ولأنهم ابتدعوا الفاحشة وسنوها فيمن بعدهم، وقال الله تعالى: {الذينَ كَفَروا وَصَدوا عَنْ سَبيل الله زدْناهمْ عَذابًا فَوْقَ الْعَذاب بما كانوا يفْسدونَ} فأراد لوط عليه السلام أن يشتد غضب الله عليهم، فذكر لذلك صفة المفسدين في دعائه.